نظرة عامة مختصرة للتقاويم

تعود الجذور الأساسية للتقويم الى الارتباط بحركة دورية معينة، وعادة ما تكون دورة فلكية سماوية، والحركة الدورية تعرف في الفيزياء على انها حركة تتكرر على فترات زمنية متساوية، ففي كل حالة: يسمى الفاصل الزمني لتكرار الدورة الكاملة بالزمن الدوري، فحركات القمر-الأرض- الشمس هي حركات دورية متكررة تعطي ازمنة دورية مختلفة وهي كثيرة ومتعددة ومتباينة ويمكن حسابها بدقة. ومن اهم التقاويم الحالية هي التقويم القمري والتقويم الشمسي والتقويم القمر-شمسي، فمثلا دوران القمر حول الأرض يعطي الشهور ودوران الأرض حول نفسها تعطي اليوم ودوران الأرض حول الشمس تعطي الفصول، فمثلا الزمن الدوري لدوران الأرض حول الشمس يعطي زمن دوري مقداره سنة.  

 

كل حضارة تحتاج إلى قياس فترات الزمن ومعرفتها وتوثيقها لأسباب عديدة: زراعية أو تجارية أو حياتية او لمعرفة الرياح والإبحار والسفر أو أسباب أخرى. وكانوا مهتمين للغاية لمعرفة متى تأتي الأمطار، ومتى نزرع ومتى يتم حصاد المحاصيل....الخ وجاءت الأديان فاستخدمت التقاويم لتحديد الأعياد والعبادات والمناسبات الدينية والاجتماعية، حيث تتبعوا اعتدالات الربيع / الخريف ، الانقلاب الشتوي / الصيفي ،ولادة واكتمال القمر واطواره ، الأقمار الجديدة والاقترانات والتقابلات والاحداث الفلكية المختلفة. فكانت التقاويم تساعد الناس على معرفة فصول السنة (الصيف والخريف والشتاء والربيع)، وكذلك الانواء: اي سقوط النجم منها في المغرب مع الفجر وطلوع آخر يقابله من ساعته في المشرق، ومربعانية وخماسينية الشتاء، وكذلك توثيق الاحداث والتواريخ.

 

وقد استخدم الانسان العديد من التقاويم بعضها انقرض وبعضها ما زال يستخدم لحد الان مثل: التقويم البابلي، والتقويم الأمازيغي، والتقويم الأرمني، والتقويم السرياني، والتقويم العبري، وتقويم الاسكندر، وتقويم المايا، والتقويم الهندي،  والتقويم البهائي، والتقويم البنغالي، والتقويم البوذي، والتقويم البورمي، والتقويم البيزنطي، والتقويم الصيني، والتقويم القبطي ، والتقويم المصري القديم ، وتقويم حضارة الانباط (البترا)، والتقويم الديسكوردي، والتقويم الإثيوبي، والتقويم الزارادشتي، والتقويم الياباني، والتقويم الهيسي، والتقويم الجوتشي، والتقويم الكوري، والتقويم المينغوو، والتقويم التايلندي، والتقويم العربي، والتقويم الهجري، والتقويم الجريجوري والتقويم اليولاني.

 

ان أهمية القمر عند الشعوب كوسيلة لتحديد الزمن كانت منذ عشرات الالاف من السنين، حيث تم اكتشاف التقاويم القمرية الأولى في كهوف في فرنسا وألمانيا، حيث اشارت بعض الدراسات الأيكولوجية الى انها تعود الى العصر الحجري القديم – حوالي 32000 عام قبل ميلاد المسيح عليه السلام- وكذلك كان حضارات المايا والإنكا تعيش على ايقاعات القمر الدوري، وقد ذكر الكسندر مارشال عام 1972 في بحثه المعنون " جذور الحضارة":  بان  المنحوتات على العديد من الواح عظام الحيوانات من العصر الحجري القديم،  لم تكن بالضرورة للتواصل، ولكنها في الواقع استخدمت للإشارة إلى الوقت وعلى أساس موقع القمر، حيث تشير المكتشفات في كهف ثياس في فرنسا الى الرقم 29 وهذه تقابل المدة بين قمرين او دورة القمر. 

 

وفي عام 2004  قد تم العثور على أقدم نصب تذكاري للتقويم القمري الميزوليتي في وارن فيلد، اسكتلندا، ويعود تاريخه إلى حوالي 8000 قبل الميلاد ويتكون من اثني عشر مجوفًا يعتقد أنها تمثل المراحل الاثني عشر للقمر.

 

التقويم البابلي يعتبر أقدم "تقويم منتظم" معروف لنا، حيث يتضمن هذا التقويم نظام واضح ودقيق للوقت والأسماء أو الترقيم للفترات الزمنية المختلفة، لا نعرف متى بدأ التقويم البابلي بالضبط، نظرًا لأن التقويم البابلي عبارة عن مزيج متطور من الأشهر القمرية والسنوات التي يصل متوسطها إلى السنة الشمسية، من المرجح أن يكون هذا "التقويم المنتظم" هو الاقدم عبر العصور البشرية ويعتبر الأساس في معظم التقاويم الحديثة.  

وللتقاويم أهمية كبيرة في حياتنا الحالية، فهي تساعدنا على تحديد الأولويات، ونبقى على المسار الصحيح للزمن، ويستخدم التقويم لتحقيق أقصى قدر من اليوم والأسابيع والأشهر والعطلات، والتخطيط للوقت، وكتابة التاريخ، وتوثيق الاحداث، والتخطيط السليم والتنبؤ بالمستقبل، وحاليا التخطيط الإداري للمشاريع وهي تعتمد على التقاويم بشكل أساسي وكذلك تحديد المناسبات الدينية والعبادات.  بشكل عام، يجب ان يكون التقويم دوري ومنتظم وقابل للتطبيق وعليه اجماع وسهل تطبيقه، وله بنية تركيبية سليمة وتكاملية (لوحده دون الاعتماد على غيره) ، مرتبط بالفصول والانواء ومواسم الزارعة وحياة الناس ومصالحهم ويمكن استخدامه للتخطيط السليم والتنبؤ وتوثيق الاحداث وكتابة التاريخ بشكل محدد، وقادر على تحديد الاحداث المرتبطة بحركات معروفة مثل الشمس والارض والقمر. منذ ستينيات القرن المنصرم أصبحت الساعات الذرية المعتمدة على تردد ذرة السيزيوم 133، هي أساس احتساب الزمن بسبب دقتها العالية جدا، وحديثا الساعات الكمومية.

 

 

يستند التقويم القمري إلى دورة أطوار القمر من تولد الهلال إلى التولد التالي حيث ان متوسط الشهر الاقتراني 29.5 يوم تقريبا والسنة القمرية تساوي 12 شهرا قمرا وتساوي تقريبا  354.367 يوم، ان حركة ودوران القمر حول الأرض يمثل الشهر النجمي (دورة كاملة بالنسبة للنجوم البعيدة ويساوي 27.3 يوم)، والشهر القمري (دورانه بالنسبة للأرض ويساوي تقريبا 29.5 يوم)  والشهر الهجري ( معتمد على الرؤية الشرعية للهلال).

 

ويستند التقويم الشمسي إلى دورة الفصول الأربعة وتحديداً الفترة بين عبور الشمس ظاهرياً لنقطة الاعتدال الربيعي أو النقطة الأولى لبرج الحمل على القبة السماوية والعبور التالي، وتدعى بالسنة المدارية (الاعتدالية) وتساوي تقريبا 365.2422 يوم.

وتتحرك الشمس في مسار يسمى دائرة البروج وهذا المدار السنوي الظاهري يمر عبر خلقية مجموعات نجمية تسمى الأبراج السماوية وقديما منذ أيام البابليين كان عددها 12 برج، وقد اصدر الاتحاد الفلكي الدولي تعديل لهذه الأبراج، حيث تم إضافة برج اخر يسمى برج الحواء لكي يصبح عددها 13 برج وتمر فيها الشمس بأزمنة غير متساوية وهي على النحو التالي: بُرْجُ الحَمَل، برج الثور، بُرْجُ التَوأَمان، بُرْجُ السرطان، بُرْجُ الأسد، بُرْجُ العَذْراء، برج الميزان، برج العقرب، برج الحواء، برج القوس، برج الجدي، برج الدلو، برج الحوت.

 

 

اما التقويم القمر-الشمسي يعتمد على الدورتين: دورة أطوار القمر (الشهر الاقتراني) ودورة الفصول الأربعة (السنة المدارية). وبما أن السنة المدارية أطول بنحو 11 يوماً  من «12» شهر اقتراني لا بد من إدخال شهر كبيس كل عامين أو ثلاثة.

 

التقويم البابلي هو تقويم قمري-شمسي تتألف السنة من 12 شهر قمري، يبدأ كل شهر مع اول ظهور للهلال، عند رؤيته على علو منخفض من الأفق في جهة وقت غروب الشمس تتم إضافة شهر كبيس عند الحاجة بموجب إيعاز، وقد تم ابتكار التقويم في عصر سلالة أور الثالثة السومرية في عصر ملكها شولغي وسمي بتقويم أوما أيضاً، حيث تبدأ السنة في الربيع، في شهر نيسان (أبريل)، وتُقسم إلى ثلاثة أقسام، وفق التسمية ب اللغة الآرامية :رش شاتي (رأس السنة أو بداية السنة)، وميشل شاتي (منتصف السنة)، وقيت شاتي (نهاية السنة).

 

 

الشهور السريانية وكانت سائدة في بلاد ما بين الرافدين وهي تقويم شمسي مؤلف من 12 شهرًا ويرجع اصلها الى  اللغة الأرامية والسريانية، كانت مستعملة قبل الإسلام عند العرب في شمال الجزيرة العربية، كانت مستعملة في كل أرجاء الوطن العربي إلى أن استبدلتها بعض الدول العربية بالأشهر الإنجليزية في المشرق العربي، أو بالأشهر الفرنسية في المغرب العربي وهذا التقويم هو المعتمد رسميًا في دول المشرق العربي (سوريا وفلسطين والأردن ولبنان والعراق)، واسمائها العربية: نَيْسَان وأَيَّار وحَزِيرَان وتَمُّوز وآب وأَيْلُول وتِشْرِين ٱلْأَوَّل وتِشْرِين ٱلثَّانِي وكَانُون ٱلْأَوَّل وكَانُون ٱلثَّانِي وشُبَاط وآذَار، وارتبطت هذه الأشهر بالأمثال الشعبية المتعلقة بمواسم الزراعة والحصاد والأمطار والطقس.

 

التقويم العبري يُطلق عليه أيضًا التقويم اليهودي، وهو تقويم قمري-شمسي، وحساباته معقدة نوعا ما، وكان يعتمد على الرؤية والرصد الفلكي ثم تحول كليا الى الحسابات الفلكية، وهو المستخدم اليوم للاحتفال بالديانة اليهودية ومناسباتها، وكتقويم رسمي لليهود في جميع انحاء العالم. يحدد تواريخ الأعياد اليهودية وقراءة التوراة والمزمور والاحتفالات والمناسبات الدينية ويوفر إطارًا زمنيًا للزراعة وتنظيم الحياة، وهو تقويم رسمي للأعياد المدنية، يعتمد التقويم اليهودي على نظام دوران القمر حول الارض ونظام دوران الارض حول الشمس ، والفرق بين هذين النظامين (الدورتين)  حوالي 11 يوم تقريبا ويعدل النقص بين هاتين الدورتين من خلال كبس او إضافة شهر كامل للسنة إذا تراجع التقويم 30 يوما مقارنة بمرور المواسم في بعض السنوات. في التقويم اليهودي يبدأ يوم جديد في نهاية النهار، بعد غروب الشمس، ويستمر حتى المساء التالي. وكان التقويم اليهودي يعتمد على رؤية الهلال، ولكن بعد انتشار اليهود في أنحاء العالم خشي الحاخامات من الفرقة في  عدم امكانية التنسيق بين المهاجرين اليهود في تحديد مواعيد الأعياد وذلك باختلاف الرؤية وتباينها في مناطق العالم المختلفة، فأمر الحاخام هيليل نسيآه بعمل طريق للحساب الفلكي وهي اشبه بالخوارزمية وقام بنشر هذه الخوارزمية الفلكية والاعتماد على نتائجها، فتحول التقويم العبراني من الرؤية الى الحسابات الفلكية، حيث تبدأ السنة اليهودية في موسم الخريف، في سبتمبر أو مطلع أكتوبر حسب التقويم الميلادي.

 

 

التوقيت العربي: وهو توقيت قمر-شمسي كان متبع عند العرب قبل الإسلام، وقد فصل هشام القرعان في كتابه " التقويم قمر-شمسي" علاقة التقويم القمر-شمسي بالتقويم الذي كان سائدا عند العرب قبل الإسلام والذي يسمى "التقويم العربي"، حيث أشار الى ان من أسماء الأشهر العربية سميت تبعاً للفصول التي كان يجب أن تحدث فيها، من حيث ارتباط التقويم القمري بالتقويم الشمسي واضافة ايام النقص (11 يوم) حتى لا يدور الشهر في العام ويبقى مكان الشهر ثابت فصليا، وهذا ما نلاحظة ان موعد رمضان يتاخر كل سنة، وكذلك الاحداث التي تدون بالتاريخ الهجري تبقى تدور على العام، مثلا: مولد النبي محمد في 12 ربيع الأول، وهذا التاريخ يبقى يدور على السنة فقد ياتي في الصيف او الشتاء او الخريف او الربيع، والامثلة عديدة.

  وقد فسر ذلك العالم المسلم أبو الريحان البيروني في كتابه "الآثار الباقية عن الأمم الخالية،" والذي "نشر" في أواسط القرن الخامس الهجري تقريبا حيث  ذكر البيروني في موضع آخر من نفس الكتاب (صفحة 243) بعنوان: القول على ما كانت العرب تستعمله في قبل الاسلام: "قد تقدم من قولنا أن شهور العرب اثنا عشر، وأنهم كانوا يكبسونها فتدور مع سنة الشمس على منهاج واحد، وأن لأساميها معاني دعتهم إلى التواطيئ لأجله عليها، بعضها كانت تدل على أوقاتها من السنة، وبعضها على فعلهم فيها وذكرنا رأي بعض اللغويين، ورواة أخبار العرب فيها، وسنذكر رأياً آخر من آرائهم فيها. فالمحرم سمي بهذا الاسم، لأن شهورهم أربعة حرم: واحداً أفرد وهو رجب، وثلاثة سرد وهي ذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم، كانوا يحرموا فيها القتال.

وسمي صفر صفراً لوباء كان يعتريمهم فيمرضون، وتصف ألوانهم، ثم ربيع الأول وربيع الآخر، وكانا يأتيا في الفصل المسمى خريفاً، وتسميه العرب ربيعاً. ثم جمادى الأولى وجمادى الآخرة حيث جاءت السَّبَرت، ووقع الجليد، والضريب، وجمد الماء، وهو فصل الشتاء. ثم سمي رجب رجباً، لأنه قيل فيه أرجبوا أي: كفوا عن القتال والغارات، لأنه شهر حرام. وقيل بل لاستعجالهم قبله كانوا يخافونه يقال: رَجِبْتُ الشيء أي خفته، وقد بدأ العمل في النسيء عند العرب حوالي قبل مائتي عام قبل الهجرة، وقد علق عليها البيروني كما يلي:

"وكانوا في الجاهلية يستعملونها على نحو ما يستعمله أهل الإسلام، وكان يدور حجهم في الأزمنة الأربعة ثم أرادوا أن يحجوا في وقت إدراك سلعهم من الأدم والجلود والثمار وغير ذلك، وأن يثبت ذلك على حالة واحدة، وفي أطيب الأزمنة، وأخصبها، فتعلموا الكبس من اليهود المجاورين لهم، وذلك قبل الهجرة بقريب من مائتي سنة، فأخذوا يعملون بها ما يشاكل فعل اليهود من إلحاق فضل ما بين سنتهم وسنة الشمس شهراً بشهورها إذا تم، ويتولى القلامس من بني كنانة، بعد ذلك أن يقوموا بعد انقضاء الحج، ويخطبوا في الموسم، وينسئوا الشهر ويسموا التالي له باسمه، فيتفق العرب على ذلك، ويخطبوا في الموسم، ويسموا هذا من فعلهم النسيء، لأنهم ينسأون أول السنة في كل سنتين أو ثلاث شهراً على حسب ما يستحقه التقدم."

وقد حرم الإسلام كبس السنين أي تصحيح مواقع الشهور (التباين بين عدد أيام السنة القمرية والشمسية)، وكان هذا التحريم في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة ، حيث نزلت آيات من سورة التوبة: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (سورة التوبة:36) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)، حيث تم تحديد عدد الشهور ب 12 شهر، أي ان إضافة شهر ثالث عشر هو حرام. علما بان النبي محمد قد استخدم هذا التقويم طوال حياته، وتوفي بعد حجة الوداع بثلاثة اشهر.


التقويم الصيني هو تقويم قمري-شمسي وهو تقويم زراعي، ولكل سنة في التقويم الصيني اسم محدد، والتوقيت المتبع هو توقيت العاصمة بكين، واليوم مقسم الى 12 ساعة، أي كل ساعة في التقويم الصيني تعادل ساعتين في التوقيت العالمي، وتبدأ راس السنة الصينية يوم السبت 10 شباط (فبراير) 2024 وتسمى سنة التنين.


تقويم المايا هو نظام تقويم قديم يستخدم في أمريكا الوسطى في العصر ما قبل الكولومبي وفي العديد من الدول والتجمعات في مرتفعات غواتيمالا، فيراكروز وأواكساكا وتشياباس بالمكسيك. يكون عدد أيام الشهر الواحد 20 يوم شمسي، ولديهم سنتان تقويميتان: الأولى 260 يوم والثانية 365 يوم، ويتزامن التقويمان كل 52 سنة. 


التقويم الهندوسي هو تقويم قمري-شمسي ومستخدم في شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا، مع مزيد من الاختلافات الإقليمية للأغراض الاجتماعية والدينية الهندوسية. وتقسم السنة الى 12 شهر قمري، أي 12 دورة قمرية، يتم حل التناقض بين السنة القمرية التي تبلغ حوالي 354 يومًا والسنة الشمسية التي تبلغ حوالي 365 يومًا جزئيًا عن طريق كبس شهر إضافي كل 30 شهرًا. وهو يشابه التقويم العربي حيث تتقدم الأشهر 11 يوما كل عام شمسي. ومن خلال استعراض تصميمات المفاهيم الأساسية للتقويم الهندوسي القديم نجده يتشابه أيضا مع التقويم العبري والتقويم الصيني والتقويم البابلي، ولكنه يختلف عن التقويم الغريغوري،  على عكس التقويم الغريغوري الذي يضيف أيامًا إضافية إلى الشهر لضبط عدم التوافق بين اثنتي عشرة دورة قمرية (354 يومًا قمريًا) وما يقرب من 365 يومًا شمسيًا، يحافظ التقويم الهندوسي على سلامة الشهر القمري، لكنه يُدرج قيمة إضافية كاملة للشهر، مرة كل 32-33 شهرًا، لضمان وقوع الأعياد والطقوس المتعلقة بالمحاصيل في الموسم المناسب.

 

التقويم اليولياني والغريغوري: هو تقويم شمسي يعتمد على دوران الأرض حول الشمس، والتقويم الغريغوري هو التقويم المستخدم حاليا في معظم أنحاء العالم. واقترح في اكتوبر  1582 من قبل البابا غريغوري الثالث عشر كتعديل واستبدال للتقويم اليولياني، بسبب السنوات الكبيسة لجعل متوسط السنة التقويمية 365.2425 يومًا ، وهو أقرب ما يكون إلى السنة "الفلكية" أو "الشمسية" التي تبلغ 365.2422 يومًا والتي تحددها دوران الأرض حول الشمس. التقويم الغريغوري، مثل التقويم اليولياني ، هو تقويم شمسي يتكون من 12 شهرًا من 28 إلى 31 يومًا لكل منها. تتكون السنة في كلا التقويمين من 365 يومًا ، مع إضافة يوم كبيس إلى فبراير في السنوات الكبيسة.

الأشهر وطول الأشهر في التقويم الغريغوري هي نفسها بالنسبة للتقويم اليولياني.     وقواعد تحديد عدد الأيام في كل سنة ميلادية بسيطة ومعروفة 365 للسنوات المشتركة ، 366 للسنوات الكبيسة، السنة الكبيسة هي أي سنة قابلة للقسمة على 4 ،

استنادًا إلى دورة 400 عام مع 365 يومًا كل عام بالإضافة إلى يوم إضافي كل 4 سنوات ناقصًا عدم وجود يوم إضافي في العام 100 و 200 و 300.

لذلك فإن متوسط ​​عدد الأيام في السنة تقريبا هو: 365.2425

 

التقويم الهجري يعتمد على الرؤية الشرعية للهلال ضمن ضوابط حددتها الشريعة الإسلامية بالاستناد على القران الكريم والسنة النبوية واراء الفقهاء، فقد روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"جعل الله الأهلة مواقيت للناس فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته أخرجه الحاكم في المستدرك 1/423 وأحمد في المسند 4/ 23 والدارقطني في سننه 2/163 وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقال تعال في سورة البقرة (189):  "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "

 

وهناك فرق بين الشهر القمري  (الاقتران المركزي) والشهر الهجري (رؤية الهلال)، حيث ان نتائج الحسابات الفلكية تستخدم لتسهيل تحديد الشهر الهجري ورؤية الهلال، فيتم  تحديد اليوم الذي ولد فيه الهلال (الاقتران المركزي)، وتحدد ساعة ودقيقة ولادة الهلال (الاقتران المركزي)، قبل غروب الشمس ام بعد: فاذا كانت ساعة ولادة القمر قبل الغروب فيحسب وقت غروب الشمس وغروب القمر لنفس اليوم ، واذا وافقت الحيثيات الفلكية لنفس ذلك اليوم فان اليوم التالي هو احتمال بداية الشهر الهجري في هذه الحالة، وهناك شروط ثانوية تستخدم لتحديد احتمال إمكانية الرؤية منها الاستطالة وهي البعد الزاوي بالدرجات بين مركزي الشمس والأرض، وارتفاع القمر فوق الأفق بالدرجات لحظة غروب الشمس، وفرق الزاوية السمتية وعمر القمر ومكث القمر وسمك القمر او نسبة الإضاءة وكذلك طول قوس الهلال.

 

وتاريخيا هناك العديد من المعايير لاحتمال رؤية الهلال، ابتداء من البابليين، حيث حدد المعيار البابلي ان رؤية الهلال ممكنة إذا زاد عمره لحظة غروب الشمس عن 24 ساعة، وغرب بعد أكثر من 48 دقيقة من غروب الشمس. اما معيار البتاني فقد حدد أن رؤية الهلال ممكنة إذا كانت انخفاض الشمس لحظة غروب القمر بين 8 و 10 درجات تحت الأفق. وقد حدد الفلكي الماليزي محمد الياس: المعيار يربط بين بعد القمر عن الأفق وفرق الاتجاه الأفقي (البعد الزاوي)، وهو يعطي إمكانية رؤية الهلال بالعين المجردة فقط، وحدد أقل ارتفاع هو 5 درجات.  معيار شيفر الذي أدخل العوامل الجوية بعين الاعتبار بالإضافة الى الابعاد الفلكية المختلفة. ومعيار مرصد جنوب أفريقيا الفلكي الذي يربط بين ارتفاع القمر وفرق السمت بين الشمس والقمر. ومعيار دانجون  عام 1936م ( اشترط للرؤية أن لا تكون استطالة القمر عن الشمس أقل من7 درجات، و بيّن أن طول قوس الهلال عندما تكون الاستطالة أقل من 7 درجات يكون صفر .ومعيار يالوب: وقد وضعه البريطاني يالوب  (حيث كان مدير لمرصد جرينتش ورئيس لجنة الازياح الفلكية التابعة للاتحاد الفلكي الدولي) حيث يربط معياره بين فرق الارتفاع الزاوي المركزي للشمس والقمر مع السمك السطحي للهلال .معيار عودة ويربط معيار عودة بين سمك الهلال السطحي و بين فرق الارتفاع السطحي بين الشمس و القمر (قوس الرؤية) .معيار إسطنبول: أن يكون البعد الزاوي بين القمر والشمس (الاستطالة) وقت غروب الشمس ثماني درجات أو أكثر، وأن يكون ارتفاع القمر عن الأفق وقت غروب الشمس خمس درجات أو أكثر. وقد ذكر الدكتور زياد علاوي في بحثه عن المعايير وخاصة اقل زاوية للاستطالة الزاوية لاحتمالية الرؤية من خلال تحليل نتائج رصدية وقواعد بيانات عديدة قام بها العديد من المؤلفين، ويمكن تلخيص ذلك علة النحو التالي: فوثرنجهام 12 درجة، وماندر 11 درجة، والياس 10.5 درجات، ويالوب 10 درجات، وفتوح 7.5 درجة، ودانجون وشيفر 7 درجات، وعوده 6.4 درجة، وناليكي 5.5 درجة، وهذا التباين يعتمد على قواعد البيانات الرصدية التي تم تجميعها بالإضافة الى عوامل أخرى خاصة بالرصد الفلكي.

 

 

وقد عقدت العديد من المؤتمرات الفقهية للمجامع الفقهية في العالم العربي والإسلامي لمحاولة إيجاد معيار موحد منها:

مؤتمر الامارات الفلكي الثاني والذي عقد في 30 أيار (مايو) 2010 وقد حضر المؤتمر حوالي  150 مشارك (فقهاء ومفتين وفلكيين) من 26 دولة (الأردن، وألمانيا والامارات واندونيسيا وايران وبلجيكا وبروناي وبريطانيا وتركيا والجزائر والسعودية وسريلانكا والسنغال وسوريا والسويد ولبنان وعمان وفرنسا وقطر وليبيا وماليزيا ومصر والمغرب ونيجيريا وهولندا والولايات المتحدة)

ومن توصياته وخاصة التوصية الثالثة: إذا قرر علم الفلك ان الاقتران لا يحدث قبل غروب الشمس او ان القمر يغرب قبل الشمس في اليوم التاسع والعشرين من الشهر فلا يدعى لتحري الهلال.

والتوصية الرابعة: رد الشهادات التي ترفضها الحسابات الفلكية القطعية التي تقدمها الجهات الفلكية المعتبرة.

 

مؤتمر توحيد التقويم الهجري الدولي والذي عقد اسطنبول (مايو/ ايار )2016 حيث حضر المؤتمر عدد  كبير من المسؤولين ومن وزارات الأوقاف ودور الإفتاء والعلماء والفقهاء والفلكيين ونحوهم بالإضافة إلى ممثلي معظم المجامع والمجالس الفقهية في العالم، حيث اكد على قرارات المجامع والمؤتمرات الفقهية السابقة ومن أهمها قرارات مؤتمر مجمع البحوث العلمية عام 1966، ومؤتمر الكويت عام 1973، ومؤتمر إستانبول عام 1978، ومؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث عام 2009، ومؤتمر رابطة العالم الإسلامي عام 2012 التي أقرت مجموعة من المبادئ والمعايير الأساسية ومن أهمها:

 

 أن الأصل في ثبوت دخول الشهر هو رؤية الهلال سواء تمت بالعين المجردة أو بالاستعانة بالمراصد والأجهزة الفلكية الحديثة، وعدم الاعتراف باختلاف المطالع.، وكذلك اختيار التقويم الأحادي ليكون التقويم الهجري الدولي المعتمد، وبذلك يكون أمام العالم تقويم هجري واحد وقد اعتمد التقويم على إمكانية الرؤية في العالم سواء كانت بالعين المجردة أم بأجهزة الرصد دون الاعتداد باختلاف المطالع كما هو المعتمد لدى جمهور الفقهاء ومعظم المجامع الفقهية وعلى المعايير الفلكية والضوابط الفقهية المعتمدة بحيث لا يتعارض مع أي نص شرعي أو قاعدة فلكية قطعية. حيث جاء في التوصية الرابعة حول مناطق التقويم واعتبر التقويم الأحادي جميع مناطق العالم وحدة واحدة، بحيث يبدأ الشهر الهجري في جميع مناطق العالم في نفس اليوم. وان يبدأ الشهر الهجري في أي مكان في العالم قبل الساعة الثانية عشر ليلا بتوقيت غرينتش، وهذه النقطة اثارت جدلا كبيرا وخاصة في تعريف اليوم الهجري (الغروبي) والمدني. وحدد المؤتمر أن يكون البعد الزاوي بين القمر والشمس (الاستطالة) وقت غروب الشمس ثماني درجات أو أكثر، وأن يكون ارتفاع القمر عن الأفق وقت غروب الشمس خمس درجات أو أكثر.

 

بعد هذا العرض المختصر للتقاويم واستعراض معظم التقاويم التي كانت عند مختلف شعوب العالم، انها في البداية كانت تعتمد على الرؤية والمشاهدة والرصد الفلكي لكنها تطورت بعد ذلك وأصبحت تعتمد كليا على الحسابات الفلكية.

 

 نلاحظ ان هناك إشكالية الرؤية والحساب الفلكي في التقويم الهجري، حيث ما زالت هناك نقاشات عديدة بين المجامع الفقهية في العالم العربي والإسلامي ومعظمها يعتمد على "الرؤية البصرية الشرعية" سواء بالعين المجردة او الأجهزة البصرية، ونقول في الختام لا بد من فتح باب الاجتهاد والقياس وفقه المصالح المرسلة في هذه القضية وان يكون حسابيا، وكما نعلم ان الحسابات الفلكية تعتبر علم يقيني، وندرج هنا عدة مقترحات وخيارات قد تطور التقويم الهجري وتحسنه:

1.  تطابق الشهر القمري والهجري من حيث ان لحظة الاقتران المركزي لحظة كونية وهي الأصل فلكيا، ورؤية الهلال هو نتيجة!

2.  حدوث الاقتران المركزي قبل غروب الشمس،

3.  حدوث الاقتران المركزي قبل غروب الشمس وغروب القمر بعد الشمس،

4.  حدوث الاقتران المركزي قبل غروب الشمس، غروب القمر بعد غروب الشمس وتحديد معايير حسابات إمكانية الرؤية: الاستطالة وارتفاع الهلال او سمكه،

 

وهذا يساعد في عمل تقويم هجري مضبوط ودقيق وهذا المقترحات تسهل علينا تخطيط حياتنا وعباداتنا ويضع حد للاختلافات واشكاليات الرصد الفلكي والظروف الجوية، ويمكن معرفة الأشهر الهجرية لسنوات طويلة قادمة.  

 

د. عمار السكجي

رئيس الجمعية الفلكية الاردنية

 #الجمعية_الفلكية_الاردنية 

 

 


Comments

  1. أحب أن أكون أول من يبارك لك في هذه المدونة. نحن جميعاً بحاجة لمكان ثابت لنتاجك الفكري

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

كيف نرى نجم سهيل؟

الاستطالة الزاوية السطحية بين كوكب الزهرة ومذنب تسوتشينشان-أطلس